كيف تؤثر و ماهي أضرار تحلية مياه البحر على البيئة البحرية ؟

/ / غير مصنف

كيف تؤثر تحلية مياه البحر على البيئة و ما هي أضرار محطة تحلية المياه على البحر و البيئة البحرية ؟

ازدادت الحاجة إلى المياه العذبة لعدة أسباب رئيسية أهمها الزيادة السكانية و التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، و أيضا لا يمكن أن نغفل التغيرات المناخية والبيئية. تمثل ندرة المياه و تلوث المياه مشكلة رئيسية أمام العالم في الوقت الحالي. تحاول تلك الدول التي تعاني من مشاكل المياه المختلفة التغلب عليها عن طريق إما نقل المياه في صهاريج، في سفن كما يحدث في جزر اليونان أو بالطرق البدائية الأخرى كنقل جبال جليدية من القطب الشمالي أو الجنوبي و تنقية المياه لتصبح صالحة للشرب

معظم الدول التي تعاني من ندرة المياه أو تلوث المياه تلجأ إلى إنشاء محطات تحلية مياه البحر، خصوصاً في شبه الجزيرة العربية و الدول العربية ك السعودية، الإمارات العربية المتحدة، قطر، البحرين و مصر. تلك البلاد تعاني بشدة من نقص المياه الصالحة للشرب. هناك نحو ١٧ ألف محطة تحلية مياه البحر حول العالم تنتج نحو ٨٠ مليون متر مكعب من الماء الصالح للشرب يومياً، بحسب إحصاءات الجمعية الدولية للتحلية التي أعلنت في ٢٠١٥، أي بزيادة ٢٧ ملايين متر مكعب عن سنة ٢٠٠٨. ثلثـا هذا الانتاج يقع في المنطقة العربيـة وخصوصا الخليج و ساحل البحـر المتوسط و البحر الأحمـر. أكبر دولة منتجة للمياه المحلاة الصالحة للشرب و الاستخدام هي المملكة العربية السعودية بنسبة قدرها ١٨٪ من مجموع الانتاج العالمي، تليها الامارات والولايات المتحدة الأمريكية بنسبة ١٣٪ لكل من البلدين.

ما هي المشاكل البيئية لمحطة تحلية المياه ؟

يحدث اضطراب لقاع البحر أثناء عملية الإنشاء و إقامة المواسير مما يؤدي إلى عكارة شديدة و تلوث المياه و تدمير كامل للكائنات القاعية. أما بعد مرحلة الإنشاء، تتغير طبيعة قاع البحر بسبب وجود وجود مواسير السحب والصرف، حيث تعمل تلك المواسير كشعاب اصطناعية تستخدمها الكائنات البحرية. ناهيك عن إعاقة حركة الملاحة في مكان المحطة التي تسببها تلك المواسير. أما أثناء التشغيل و عملية التحلية، تسحب كائنات بحرية داخل المواسير عن طريق الخطأ مما يؤدي إلى الإختلال البيئي في منطقة وجود محطة تحلية المياه

تلك المشكلات ليست كبيرة بقدر المشكلة الرئيسية في محطة تحلية مياه البحر ايا و هي إعادة المياه الناتجة من عملية التحلية. تتميز مياه الصرف الناتجة عن عملية تحلية المياه بملوحة شديدة وحرارة عالية مما يؤثر على الكائنات البحرية الحساسة كالشعاب المرجانية و الحشائش البحرية. عادة في محطات تحلية المياه باستخدام تكنولوجيا التناضح العكسي (الضغط الاسموزي أو الارتشاحي)، يكون معدل الارتجاع ٣٠ الى ٥٠ بالمائة من إجمالي المياه المغذية للمحطة. هذا يعني أن معدل تركيز الأملاح في المياه الخارجة من المحطة يكون أحيانا أكثر من ٥٠ بالمائة من تركيز الأملاح في المياه الداخلة الى المحطة. تبقى الخطورة في ضخ مياه ذات ملوحة وحرارة عالية إلى البيئة البحرية المحيطة. تتغير بالتأكيد درجة الخطورة هذه بإختلاف الخصائص البيئية و الجيولوجية للمنطقة التي تقع بها محطة تحلية مياه البحر تلك، مثل حركة التيارات البحرية و ارتفاع الأمواج و عمق الماء و الخصائص الفيزيائية و الكيميائية للماء المراد تحليته في تلك المنطقة.تحدد هذه العوامل شدة الخلط التي تحدث مع مياه البحر المراد تحليته.

تحتوي مياه صرف محطة تحلية المياه أيضـاً على مـواد كيميائيـة مختلفة نتاج عملية المعالجة أهمها الصوديوم هيبوكلوريت NaClO (Sodium Hypochlorite) أو الكلور الحر الذي يستخدم في عمليات إضافة الكلور (bleaching) لقتل الميكروبات و البكتريا و الكائنات الحية مثل الطحالب و الرخويات الصغيرة والـديدان التي تكون هيكل كربوني داخـل مواسير التغذية والصرف. ومن هذه المـواد الكيميائية أيضاً كلوريد الحديد FeCl3 الذي يستخدم لازالة المواد العالقة في الماء حيث يتفاعل مع تلك المواد لتكوين مواد أكبر حجما يسهل إزالتها في عملية الفلترة الأولية، وحمض الكبريتيـك أو حمض الهيدروكلوريك الذي يستخدم لتعديل الأس الهـيدروجيني pH) درجة الحموضة و القلوية)، وصوديوم هكساميتافوسفات الذي يمنع تكون قشور على المواسير والأغشية، وصوديوم بيسلفات NaHSO3 الذي يستخدم لمعادلة أي بقايا من الكلور في الماء المغذي للمحطة (Antiscalant).

الضوضاء الناتجة من محطة تحلية المياه هي من ضمن المشاكل نتيجة استخدام مضخات الضغط العالي ومولدات الطاقة الكهربائية، و التوربينات التي تصدر ضوضاء تتعدى ٩٠ ديسيبل، مما يتجاوز الحد المسموح به دوليا.
بعض المشاكل الأخرى هو إحتمالية تسرب مياه الصرف من المواسير و تلوث المياه الجوفية في محيط محطة تحلية مياه البحر.

هل هذا معناه ان كل محطات تحلية مياه البحر و خصوصا الواقعة على السواحل مضرة بالبيئة و وجودها يسبب مشاكل بيئية و تأثير سلبي على البيئة البحرية في منطقة وجود محطة تحلية المياه ؟

بالطبع لا، كل المشكلات المذكورة أعلاه يمكن التغاضى عنها باستخدام أحدث التقنيات العالمية و التكنولوجيات التطبيقية المعمول بها في جميع أنحاء العالم. الولايات المتحدة الأمريكية مثلا قد أنشأت العشرات من محطات تحلية المياه على سواحل كاليفورنيا و الولايات الأخرى سواء في الشرق أو الجنوب. بعض تلك المحطات تقع في مناطق مأهولة بالسكان و البيئة البحرية بها غنية. و لكنها تغاضت عن تلك المشكلات بأساليب علمية يتم حاليا استخدامها في كل محطة تحلية مياه البحر حول العالم.

ما هو الحل اذا

حيث تعتمد دول كثيرة على تحلية مياه البحر كمصدر رئيسي لانتاج المياه العذبة (المياه الصالحة للشرب)، لذا تلجأ إلى إجراء عدة دراسات تقييم للأثر البيئي لتلك المحطات. تهتم تلك الدراسات بتقييم حالة مياه البحر المستخدمة في تغذية محطة تحلية مياه البحر و خصوصا تركيز العناصر الثقيلة و حالة مياه الصرف الناتجة عن عملية التحلية وتأثيرها على البيئة البحرية المحيطة، و الاشتراطات البيئية الآمنة الواجب توفرها لصرف تلك المياه.

ويمكن التصريف مباشرة الى وحدات لانتاج الملح بالتجفيف عبر التبخر تحت أشعة الشمس، فلا تعود هناك ضرورة للصرف في البحر، كما يمكن الاستفادة من بيع الأملاح الناتجة للاستخـدام الصناعي، وهذا معمول به حالياً في بعض الدول الأوروبية مثل اليونان. ولمنع تسرب المياه من مواسير الصرف ومنع اختلاطها بالمياه الجوفية، يجب اختيار مواسير ذات جودة عالية واستخدام تقنيات متطورة لمنع التسرب.

ومن التدابير البديلة التي يُعمل على جعلها مجدية اقتصادياً استخدام مصادر طاقة بديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة جوف الأرض لتشغيل محطات الكهرباء الملحقة بمحطات التحلية. كما يمكن إقامة محطات تحلية عائمة على مسافات بعيدة داخل البحر تقلل الضوضاء وتوفر الأراضي ذات الأهمية الإقتصادية.